قبل عشرين عامًا ترشحت للانتخابات في بلدي عمان وخسرت نعم خسرت.
اعتدتم سماع قصص النجاح أليس كذلك؟.
الناس تحب سماع قصص النجاح، لكني اليوم سأحكي لكم قصة فشل.
فشلي في الانتخابات فقط وليس في الحياة.
خسرت الانتخابات، ولكن القصة لم تنتهي عند الخسارة
بل لعلها بدأت هناك.
فتجربة خوض الانتخابات فتحت عيني على مشكلة أكبر مني،
مشكلة تخصنا جميعًا.
في عام 2015 عندما انتقلت من مسقط إلى الدوحة
للعمل في قناة الجزيرة، قررت أن آخذ سيارتي إلى الدوحة.
كانت سيارتي تحمل أرقام عمانية صفراء، وليست كلوحات أرقام السيارات البيضاء في قطر.
وكنت كلما قدت السيارة في شوارع الدوحة تلح عليّ فكرة واحدة.
الآن كل أحد في الشارع يعرف أنني عمانية، فإذا قمت بأي عمل متهور كأن أقود السيارة
بسرعة مثلًا.
سيحكم علي الناس أولًا بوصفي عمانية
ولن يصفوني باعتباري سائقة طائشة فقط.
لدرجة أنني فكرت أن أضع منشورًا في فيسبوك أقول فيه.
أعزائي في قطر إذا شاهدتم امرأة عمانية تقود سيارة بتهور
فهي لا تمثل إلا نفسها
والعمانيون ليسوا مثلها.
أعترف، لمدة خمس سنوات مدة إقامتي في قطر
التزمت بقيادة سيارتي بطريقة
لا تؤدي إلى الحكم على أهل بلدي سلبيًا بسبب تصرف الفردي.
لم أكن بعد قد تخلصت مما أسميه عقدة التمثيل.
دعوني أعود بكم إلى البداية
بداية رغبتي في تمثيل الآخرين وتجاوز هذه العقدة.
في عام 2003 طلبت مني مجموعة من بنات وأبناء ولايتي القابل
أن أترشح لانتخابات مجلس الشورى
وكان بين هذه المجموعة شيوخ قبائل وأعيان مجتمع بارزون.
هل تعرفون ما الذي يعنيه أن يطلب شيوخ قبائل وأعيان من امرأة أن تترشح لتمثيلهم
في أهم مؤسسة تشريعية في البلاد؟
كانت لحظة عظيمة لا زلت أتذكرها بكثير من السعادة.
شعرت أن الناس تدرك أنني أهتم
وأنني اهتم كثيرًا، ولذلك أنا قادرة على تمثيلهم.
شعرت بالفخر لأنني كنت أول امرأة تترشح من ولايتي
وهي ولاية ذات طبيعة قبلية محافظة.
ورغم ذلك اختارت أن تختار امرأة لترشحها في انتخابات مجلس الشورى.
ولكن ذلك الاختيار الذي بدا صورة من صور النجاح
كان غالبًا سببًا في خسارتي الانتخابات.
أعرف الآن أنه كان على الذين دفعوني للترشح، وعلى أولئك
المدركين أن امرأة مثلي يمكنها أن تمثلهم.
وعلى أولئك المستنيرين المؤمنين
أن المرأة قادرة مثل الرجل وربما أفضل على قيادة مجتمعها.
كان عليهم جميعًا أن يلعبوا دورًا أكبر وأكثر علانية
في دعمي والترويج لي ولأي امرأة بعدي وقبلي.
لم أفكر يومًا في تمثيل الآخرين.
لم أكن مشغولة بهذا الأمر على الإطلاق.
في صغري، أردت أن أكون أنا
وأن أقول أنا هنا ويمكنني القيام بالكثير من الأشياء
أفضل من كثير من الأولاد والبنات.
لم أكن أتحدى أحدًا لا بنت ولا ولد.
وبصراحة كنت لم أظن أن الموضوع أكبر من جدران بيتنا
وكنت أظنها معركة بيني وبين أهلي الذين لا يرون مواهبي ومهاراتي.
من حسن حظي أنهم قدروني.
فأبي الرجل المتدين رحمه الله
كان أكثر انفتاحًا وتشجيعًا وإيمانًا بموهبتي في التعلم
أما أمي التي كانت أيضًا تؤمن بأهمية التعليم وتفخر بتفوقي وتميزي الدراسي
إلا أنها كانت لا تظن أن ذلك سيذهب بي بعيدًا
أكثر من الوظيفة
ومن المصير الحتمي لكل البنات
وهو أنني سأتزوج يومًا ما وأنجب الأطفال،
وكل هذا لا يحتاج إلى هذه المؤهلات.
والحقيقة طبعًا تزوجت وأنجبت
واكتشفت أن الزواج وتربية الأبناء تحتاج إلى كل هذه المؤهلات
وزيادة ولكن هذا موضوع آخر.
ما لم يقله لي أبي وأمي
وفهمته لاحقًا هو أن مشكلتي أنني بنت
وكنت أسمع دائمًا عبارة، أهم شيء للبنت هو السمعة.
وعندها بدأ انزعاجي من مسألة التمثيل.
وهذا يعني ترديد فكرة السمعة، وأهم شيء للبنت هو السمعة
هو أن المرأة ليس فقط في السياسة مطالبة بأن تمثل كل النساء.
وإنما طوال حياتها تفترض أسرتها مثلًا
أنها تمثلها، وخاصة في مسائل تتعلق بالسمعة والشرف والعار.
فعلًا انزعجت كثيرًا بسبب أنه يتم الحكم علي
من خلال وضع الآخرين في البال وفي المقارنة.
فأنا لست كل البنات والبنات أصلًا لا يعتقدن أني أمثلهن
فلماذا ينظرون إلينا بوصفنا شخصًا واحدًا؟
كانت نتيجة الانتخابات في عام 2003 عندما ترشحت، فوز امرأتين.
احزروا، في آخر انتخابات لمجلس الشورى في 2019 كم امرأة فازت؟
أيضًا امرأتان.
طيب ماذا عن انتخابات عام 1994
أول انتخابات شاركت فيها المرأة في عمان؟
أيضًا فوز امرأتين.
ما هذه الصدفة العجيبة منذ 30 عامًا، ولا تفوز النساء إلا بمقعدين
من أصل 86 مقعدًا؟
معظم المرشحات السابقات لانتخابات مجلس الشورى
في الفترة من 1994 إلى 2019
قلن أن كونهن نساء، كان السبب الثاني لخسارتهن الانتخابات.
السبب الأول هو ضعف إدارة الحملات الانتخابية
والمنافسة الشرسة بين المترشحين.
أجد أن إجاباتهن منطقية وعقلانية وإيجابية
وأيضًا تتوافق مع تجربتي الشخصية.
معظم الدراسات السابقة
قالت أو عزت سبب فشل النساء في الانتخابات إلى أسباب اجتماعية،
أبرزها أن المجتمع لا يثق في قيادة المرأة.
ولكن اللواتي قابلتهن
أكدن أن حسن إدارة الحملات الانتخابية والاستعداد المبكر
عامل مهم للفوز.
وأشرن إلى أن الناخبين
ينحازون لمرشح القبائل الكبيرة والأغنياء منهم.
بمعنى أنهم ينحازون إلى النفوذ والقوة.
وإذا ما امتلكت النساء هاتين الميزتين فبإمكانهن الفوز على مرشحين ذكور.
وهذا ما حدث فعلًا لبعض المرشحات.
لماذا لا نمكن النساء من القوة والنفوذ؟
هنا يأتي دور صانع السياسات ومتخذي القرار
وقادة المجتمع، وقادة الرأي في تغيير الاتجاهات
عليهم جميعًا أن يقدموا
نماذج مؤهلة وناجحة من النساء
وأن يتم تعيين عدد أكبر من النساء
في المجالس المعينة مثلًا مثل مجالس الوزراء ومجالس الإدارة.
أود أن أشير أنه من المهم جدًا أنه بغض النظر عن الأثر الإيجابي الذي تتركه النساء
على السياسات.
وبغض النظر عما إذا كان تعاطيهن مع القضايا مختلف عن الرجال أم لا.
فإن المشاركة السياسية مبدئيًا هي حق لهن بوصفهن مواطنات.
ما نراه الآن هو خوف وتردد من تعيين النساء في المناصب العليا.
بصراحة لا أعرف ما هي المشكلة في الضبط.
ولكن نسمع كثيرًا أن صانعي القرار صانعي السياسات
لا يجدون النساء المؤهلات.
لا أعرف إن كان هذا صحيحًا ولكني لا أعتقد ذلك.
فقد أظهر تقرير صدر في عام 2016
أنه زاد عدد الحاصلات على تعليم عالي في الخليج
بنسبة 34٪ عن الجيل السابق لهن.
وهي أعلى النسب لكل النساء المسلمات في العالم،
وهي أيضًا تتخطى نسبة الزيادة لأقرانهن الذكور في المنطقة.
ورغم هذا التحصيل العلمي العالي
نجد أن النساء أقلية في سوق في الوظائف بشكل عام
وفي المناصب العليا تحديدًا.
قادتني تجربتي في الانتخابات إلى التركيز على قضايا المرأة.
وخاصة في كل محطات حياتي العملية
وخاصة على المشاركة السياسية والتمثيل السياسي.
عملت في الصحافة لأن الصحافة عنت لي التعبير عن المجتمع وعن تطلعاته
ومناقشة مشكلاته ومحاولة البحث عن حلول لها.
أردت أن ينظر الناس إلى النساء
بأنهن قادرات على طرح حلول لمشكلات اجتماعية وسياسية واقتصادية.
وكنت ابتعد عن الآراء الاستفزازية واتبع التحليل المنطقي والعقلاني
حتى ينظر إلى النساء باعتبارهن أو بوصفهن عقلانيات
وليس فقط عاطفيات كما يروج عنا في الصور النمطية.
الآن، أريدكم أن تنظروا حولكم
وأن تحددوا النساء المميزات.
ستجدون نساء مميزات وقادرات على تمثيلكم أحسن تمثيل.
إذا سؤلتم عن خبير في موضوع ما
عن مستشار لمشروع ما اطرحوا أسماءهن.
وفي الانتخابات سواء على مستوى الدولة أو على مستوى المؤسسات الكبيرة أو الصغيرة
صوتوا لهن.
ابدأوا من بيوتكم أو من جامعاتكم أو من أماكن عملكم.
وادعموا النساء مرة ومرتين وثلاث حتى يحظين بفرص متكافئة.
هكذا يغير المرء يغير الفرد مجتمعه.
وهكذا لا تبقى نجاحاتنا فردية بل جماعية.
تعلمت أنه من السهل أن نكون نساء ناجحات.
حصلت على الدكتوراة وعملت في مؤسسات إعلامية مشهورة،
وأعمل حاليًا في واشنطن
في مؤسسة بحثية عالمية مرموقة.
ولكن التحدي هو
كيف تصبح مجتمعاتنا داعمة لنجاح كل النساء في تنوعهن.
ولذلك حرصت في عملي في الصحافة على أن أجد النساء.
النساء اللواتي لا يجدوهن وقت التعيينات لمناصب عليا،
وأن أمنحهن مساحة للكتابة وللحديث.
فوجدت نساء في مختلف التخصصات.
خبيرة في الطاقة، باحثة بيئية أو خبيرة في الاقتصاد، أديبات وفنانات.
وجدت نساء متخصصات وخبيرات في مجالات عدة وليس فقط خبيرات التغذية والتجميل.
رغم أنهن مفيدات وضروريات جدًا أيضًا.
تعلمت أن صوت الفرد قد يختلف عن صوت الجماعة أحيانًا،
ولكنه ليس بالضرورة يعارضها أو يناقضها.
فقد يعبر الفرد وقد يصبح صوتًا للجماعة والعكس صحيح.
قد تعبر الجماعة عن الفرد وعن تطلعاته.
وكما قالت مايا أنجيلو
ها أنا آتي كفرد واحد ولكني أقف كعشرة آلاف.
وأخيرًا تعلمت من تجربة قيادتي
سيارتي بأرقام عمانية في قطر
أن لا أكرر ذلك في أي بلد آخر أعيش فيه.
فتمثيل حسن قيادة العمانيين للسيارات
ليست معركة مصيرية، أحتاج أن أخوضها.
أما تمثيل النساء فهو معركة ليست اختيارية ولا يمكنني أن أخوضها بمفردي.
وتذكروا أيها الأصدقاء والصديقات،
إن إحداث أي تغيير اجتماعي قد يبدأ من البيت،
ولكنه لا ينبغي أن ينتهي هناك.
بل أن يستمر حتى تصل النساء إلى أعلى مراكز القيادة
ويتمتعن بتمثيل عادل ومنصف.
AITransDub
AI-drevet videooversettelse og dubbing
Bryt språkbarrierer øyeblikkelig! AI-drevet presisjonsoversettelse og lynrask dubbing for videoene dine.